في زمن الحروب والمطاحنات الأيديولوجية , سياسية , دينية , اجتماعية وفنية , أصبح التسلّح ضروريا لا للبقاء كما في اخواتنا الحيوانات , بل أيضا لشنّ هجوم و التصدّي لآخر ضد أي عدوان يهدد أمن وسلامة الخزينة الفكرية , خصوصا في موضوع الإعتقاد و تبنّي الأراء التي سبق وتقيّأها الأخرون ( لطالما استخدمنا مفردات عسكرية , لا ضيم من استعمال اخرى مقرفة ^_^ )
نحن الأن في زمن اندمجت فيه الثقافات ( طبعاَ وانحلّ بعضها ) فلم يعد الشرف يرتبط بالولاء لقطعة جغرافية معينة , ولا الحفاظ على خصلة شعر من الظهور , ولا بـ " حارة " معينة ولا دكّان . البعض يراه في الفكر ( الشرف أقصد ) , والآخر يراه في العمل , أما أنا أراه في الذوق .
نعم , في الذوق تجتمع أعلى قيم الفكر والإدراك العقلي , لا بل إنني أقيم ذهناَ ما تبعاَ لذوق حامله , كقاعدة لديّ , قل لي ماذا يعجبك , أقول لك من أنت .
أكاد لا أجد المفردات التي تعبّر عن سخطي بعد سماع موسيقى نيتشه , فلو سمعتها قبل أن أقرأ كتبه ( أو البعض منها ) لا أظنني كنت سأقلب صفحة مما كتب , بل إن قراءة ثانية ستجعلني أنظر الى فلسفته نظرتي الى موسيقاه . قد أبدو متطرفاَ بعض الشيء , لكنّي أرى الأذُن هي أكثرالأعضاء التي تسمح بدخول التفاهات الى الرأس خصوصاَ أننا نملك اثنتان في كل جهة واحدة .
نيتشه نقد ميتافيزيقيا شوبنهور وكانط في فلسفته واعياَ , وتبناها في موسيقاه لا واعياَ , أنا لا ألومه فقد كان صديقاَ لـ "فاغنز" ( لا تعجبني موسيقاه هو الآخر) و"فاغنر" كان صهراً لـ " ليست " و معجباَ بموسيقاه .( " ليست " هذا كان متدينا بشدة , لعلّ ميتافيزيقيا الدّين أثرت على أصابعه و موسيقاه )
لطالما اهتمت الفلسفة بعقلنة حياتنا واقصاء كل ما لا يليق بالكائن البشري العاقل , فـ " حياة غير مُمتحنة أو مفحوصة , لا تستحق أن تُعاش " هذا ما قاله أرسطو عن الحياة بشكل عام , فماذا عن الرأي ؟! لا سيما إذا كان موقفاَ فنياَ , ألا يجب أن يخضع هو الآخر للفحص و " الغربلة " ؟!!
في علم الجمال تجد الأسلحة اللازمة لصد أو شن الهجوم سابق الذكر , لا يكفي أن تعجبك الموناليزا لأنها من بين اللوحات الأغلى في العالم أو لابتسامتها الغامضة , أو موسيقى بيتهوفن لأن شهرته طاولت النجوم و أصيب بالصمم في آخر أيامه , أو لوحات فان جوخ لأنه اقتطع أذنه ومات منتحراَ , أو شعر " اليوت " لأنه أشعر شعراء أمريكا , أو شعر نزار قباني بعد أن ترك اللغة واختص نسائية وتوليد , أو " أغاني " هيفاء وهبي لأنها تظهر مقدمة ومؤخرة لم يشهد التاريخ مثلهما , أو " أدب " أحلام مستغائبي لأن البنفتحي يليق بها....... وقس على ذلك ( تم تسلسل الشخصيات تبعاً لتقييمي شخصياً )
يجب أن يكون الرأي في الإعجاب أو السخط مبنياَ على مقومات وأسس و مدعوما بالحجج اللازمة لضحد الرأي المخالف , تماما كما في التكفير بين الأديان والمذاهب الداعية الى السلام والمحبة وخلاص النفوس ( طبعا النفوس لا الأجساد فالأجساد فانية لا يضرها إن ذُبحت أو قُطعت أوصالها , ومالو )
أنا شخصياَ لا تعجبني سيمفونية بيتهوفن التاسعة , ولا جورنيكا بيكاسو , ولا شعر اليوت ( لست بصدد الأسباب هنا ) وقد أصادف أحداَ يقدّس التاسعة و آخر يعتبر الجورنيكا أعظم ما وُضع على قطعة قماش , وقد يكون هو الآخر مسلحاَ بالحجج اللازمة للدفاع عن رأيه , و هنا تكمن المشكلة .... مشكلة ؟؟!! لا لعلّها المتعة بعينها .
هذا الكتاب يعتبر مدخلاّ الى فلسفة الجمال , يعرض فيه المؤلف النظريات والأراء و المشكلات السائدة في هذا الوسط , ممحصاَ لا متحيّزاَ تاركاَ للقارىء حرية اعتناق الرأي الذي يتوافق وذوقه , أو داعماً لرأي آخر قد ألفه . فالكتاب قد كُتب بلغة سلسة وسهلة , وكل الشكر لترجمة الدكتور فؤاد ذكريا تلك الترجمة الفائقة الموضوعية والإحترافية .الكتاب موجه لطلاب الفلسفة والفن في آن معاَ ويعرض في نهاية كل فصل أسئلة ومناقشات حول ما كان موضوعه , تاركاً القارئ في حيرة من أمره ( تذكرني بالإرتباك الذي كان يعترينا عند مناقشة الموضوع في امتحان الفلسفة ^_^ )
هذه ليست " مراجعة " لتلخيص فصول الكتاب وعرض محتواه , إنما أردت فقط من قرأ كلماتي ( وإن كان أحداَ فعل ) أن ينظر الى الكتاب بعين الإعتبار , لا بعين قائمة الـ " التور ريد " . ( تربية الذوق شي أساسي بالحياة يا جماعة , يعني متل الواتس أب -_- )
هنا روابط قد تفيد وتساعد في تطبيق ما هو نظري في الكتاب , بما هو عملي
هنا كتاب يعرض أعظم 100 لوحة في الفن وهنا رابط لتحميل أعظم 100 عمل في الموسيقى الكلاسيكية هنا موقع يساعدك في البحث عن الأعمال الفنية من نحت وتصوير وتشكيل وفيما يخص الشعر دبّر راسك مالي علاقة :D